أن يكون أثرى رجل في العالم، بل عبر التاريخ، هو جيف بيزوس، مؤسس «أمازون»، فهذا يعني دلالات أخرى غير معرفة ملياردير خرافي جديد.
المال يعني القوة، وتعني القوة السياسة، ويخدم هذا؛ الإعلام، يتخلّل هذا فئام من المرتزقة، وباعة الأفكار، هكذا كان الأمر من قبل وهكذا سيكون، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
صعد أثرياء الديجيتال، قمة التأثير العالمي، وهم ثلة من الشباب حدثاء الثروة، وحدثاء السياسة، ممن كان بعضهم في شبابه من تيارات الفوضى والتمرد.
ترجم الشباب الأثرياء من عمالقة الديجيتال، وزنهم المالي الرهيب، وتأثيرهم الخطير على عموم الناس، وسيطرتهم على تجارة البيانات، إلى منتج سياسي، لفرض آرائهم وأذواقهم السياسية حتى الاجتماعية... وبعضهم وصل به الحال إلى ترجمة هذا الرصيد من فائض القوة إلى خدمة المصالح الشخصية المباشرة، والتغطية على المشكلات الأسرية. من هؤلاء، بل أبرزهم، جيف بيزوس، ومن آخر حصاده المرّ، ما فضحته به وكالة بلومبرغ على دفعتين، أولاهما الكشف عن امتلاكه يختاً مذهلاً في ترفه، وفي التفاصيل أنَّ شركة أوشيانكو المتخصصة ببناء اليخوت الفاخرة، بنت «لمهاجم الدول النفطية العربية» يختاً تقدر تكلفته بنحو 500 مليون دولار. وصفت «بي بي سي» هذا المبلغ بأنه «قطرة في بحر ثروة أغنى رجل في العالم، الذي قفزت ثروته في وقت من الأوقات إلى 13 مليار دولار في يوم واحد في عام 2020. ويقدر صافي ثروته الآن بنحو 200 مليار دولار».
هل انتهى الأمر عند هذا الحدّ؟ لا فالسعر لا يشمل تكلفة «يخت مساعد» أصغر بمحرّك يخطط بيزوس لشرائه أيضاً، ويتميز اليخت الأصغر بمهبط لمروحية. وفي تلميح مؤلم، يذكّر الخبر أنَّ صديقة بيزوس، المذيعة التلفزيونية لورين سانشيز، كانت مدربة على قيادة المروحيات! هذا قبل افتضاح أمر عشيقة بيزوس، والصور المنشورة، التي حاول فيها الرجل، بتصرف خبيث وانتهازي، التغطية عليه، وجعل الموضوع سياسياً، وإنه بصفته مالك «واشنطن بوست»، فإنَّ السعودية، بل ولي العهد شخصياً، خلف اختراق هاتفه الشخصي!
لكن مؤخراً نشرت وكالة «بلومبرغ» مقالاً لمؤلف كتاب «أمازون أنباوند» براد ستون، تطرق فيه إلى القصة الكاملة لفضيحة الخيانة الزوجية التي كان بيزوس بطلها، وأشار فيه إلى عدم تورط السعودية وولي عهدها، محمد بن سلمان، في قضية اختراق هاتف بيزوس وتسريب صوره مع عشيقته.
وكشف مقال بلومبرغ عن أنَّ مايكل سانشيز، شقيق عشيقة بيزوس، لورين سانشيز، كان متواطئاً مع صحيفة «ناشونال إنكوايرر»، وسرب لمحرريها صوراً ومعلومات بشأن علاقة مؤسس «أمازون» مع شقيقته. مقابل نظير مالي، تافه بالنسبة لبيزوس، لتكتمل سخرية القدر.
العبرة هي أن رفع شعارات ثورية يسارية من قبل أغنى أغنياء العالم، مجرد سلاح سياسي، لا يعني الالتزام بالمبادئ التي يفترض أنَّ الفكر الذين يدّعون المنافحة عنه، يقررها.
كما يقول إخوتنا في مصر: «أهو كلام يتقال... كِده وكِده»!