أحد عناصر الميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق»
اتسعت رقعة القتال في ليبيا بين «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، حيث امتدت من العاصمة طرابلس إلى مدينتي سرت ومصراتة بوسط وغرب البلاد، على الرغم من حملة تخويف أممية وأميركية من المخاطر المترتبة على استمرار المعارك، في ظل شبح فيروس كورونا.
وقال بيان لشعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني»، مساء أول من أمس، إن قواته استهدفت عدداً من العربات والآليات في منطقة بوقرين، التي تقع شرق مصراتة بغرب البلاد، وأسرت أربعة أفراد من «مجموعات الحشد الميليشياوي».
وتحدث بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بـ«الجيش الوطني» عن سقوط نحو مائة، ما بين قتيل وجريح، ممن وصفهم بـ«مرتزقة» الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بعد هجومهم على قوات الجيش في هذه المنطقة، موضحاً أن إصاباتهم تراوحت ما بين متوسطة وحرجة.
ولفتت الغرفة إلى ظهور نداءات لإعلام تنظيم «الإخوان» الإرهابي في مصراتة للتبرع بالدم، بعد دحر هجوم الميليشيات في بوقرين وهروبهم، موضحاً أن هذا «الهجوم الفاشل نتج عنه هروب جماعي، وخسائر في الأفراد والمعدات، والسيطرة على مواقعهم في زمزم وبوقرين والقداحية».
في المقابل، أعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، في بيان صدر في ساعة مبكرة من صباح أمس، أن سلاحها الجوي استهدف غرفة عمليات للجيش الوطني في الوشكة، غرب سرت، متهمة قوات الجيش بقصف سيارة إسعاف مساء أول من أمس في بلدة أبو قرين الاستراتيجية، الواقعة على بعد نحو 100 كيلو متر جنوب مدينة مصراتة، و140 كيلو متراً غرب مدينة سرت. وقالت إن سلاحها الجوي وجه ضربات محدّدة إلى قاعدة الوطية الجوية، بعد عملية نوعية نفذّتها قواتها، وهو ما أسفر عن اعتقال عدد من قوات الجيش، وغنم عدد من الآليات المسلحة، مشيرة إلى إخضاع 27 من عناصر الجيش المعتقلين إلى فحوصات للتأكد من خلوهم من فيروس كورونا، قبل بدء التحقيقات معهم، وإحالتهم للنائب العام العسكري.
ونقلت «العملية» عن متحدث باسم قوات السراج، اندلاع معارك بمحور «الجفرة - سرت»، لافتاً إلى أن «طيراناً أجنبياً شن ضربات جوية، حاول بعدها المرتزقة التقدم برياً... وقد تمكنت قواتنا من السيطرة على عدد من المركبات المسلحة، وعربة صواريخ غراد ودبابة، وتدمير عدد آخر منها. فيما احترقت جثث المرتزقة داخل المدرعات، وتركت أخرى في أرض المعركة بعد فرار العصابات الإرهابية».
واعتبرت حكومة السراج، التي نددت بالهجوم، أنه «كان توسيعاً لدائرة العدوان الغاشم ليشمل كل ليبيا»، وتعهدت بأن تكون قواتها «بالمرصاد، وبكل الإمكانات، لقوات الجيش الوطني».
ووصفت الحكومة، المعترف بها دولياً، في بيان لها، أمس، ضحاياها، بـ«شهداء الوطن»، وأكدت إصرارها على الدفاع عن النفس، وتوعدت بهزيمة «المعتدين».
وإلى جانب الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس، شمل القتال عدة مناطق في غربها، وصولاً إلى الحدود التونسية، إضافة إلى الطريق ما بين مدينة سرت الساحلية في وسط البلاد، ومصراتة إلى الشرق من طرابلس.
وتخوفت بعثة الأمم المتحدة، والسفير الأميركي لدى ليبيا، من «خطورة التهديد الذي يمثله استمرار القتال على النظام الصحي الليبي، المثقل بالأعباء بالفعل بعد سنوات من العنف والاضطرابات، على الجهود المبذولة لوقف انتشار وباء فيروس كورونا».
وأعربت البعثة الأممية عن دعمها القوي للنداءات الصادقة، التي أطلقها مؤخراً عدد من الشخصيات الليبية من مختلف التوجهات والاختصاصات والمناطق، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس، إنها تضم صوتها إلى صوتهم في الدعوة إلى تناسي الخلافات، وتضافر الجهود في التصدي لخطر انتشار الفيروس، عبر تعاون جميع الجهات المعنية من أجل حماية الليبيين من هذا الخطر المحدق بليبيا وشعبها.
كما أعرب ريتشارد نورلاند، السفير الأميركي لدى ليبيا، في رسالة مفتوحة، وجهها مساء أول من أمس إلى القيادة السياسية والعسكرية في ليبيا والشعب الليبي، عن قلقه العميق إزاء تهديد قاتل لليبيا يلوح في الأفق، واعتبر أنه «بدون استجابة قوية وموحدة، سيكون بمقدور وباء فيروس كورونا نشر المرض والموت بين صفوف الجنود والمدنيين».
وأضاف السفير الأميركي موضحاً أن «أفضل نهج لتجسيد الهدنة الإنسانية هو أن يقوم المشير حفتر بتعليق حملته على طرابلس، بما يسمح للجانبين بالعودة إلى مسودة وقف إطلاق النار، الذي تمّ وضعها خلال مفاوضات (5 + 5)، التي يسرتها البعثة الأممية في جنيف».
كما طالب المسؤول الأميركي بتجميد فوري لنشر المقاتلين الأجانب، الذين قال إنهم يخاطرون بنشر المزيد من وباء «كورونا»، لافتاً إلى أن بلاده التي تقر بمسؤولية الأطراف الخارجية في تأجيج الصراع، بصدد «معالجة ذلك الأمر عبر القنوات الدبلوماسية».
ورأى أن «إعادة إنتاج النفط في ليبيا أمر بالغ الأهمية لضمان حصول السلطات الليبية على عائدات كافية لدفع الرواتب، والنقد الأجنبي لشراء المعدات الطبية التي تشتد الحاجة إليها».