اقتداء بالإخوان.. اليمين المتطرّف يغرس أجهزته السرية في ألمانيا

الثلاثاء 23 يوليو 2019 4:44 م
اقتداء بالإخوان.. اليمين المتطرّف يغرس أجهزته السرية في ألمانيا

الشعبويون يخترقون مفاصل الدولة في ألمانيا

جنوب العرب - برلين

 لم تعد حقيقة تغلغل اليمين المتطرف في أوروبا داخل مفاصل الدولة مخفية، فالنتائج الباهرة التي حقّقها هذا التوجّه القومي المتعصّب في وقت قياسي على حساب المدارس السياسية الوسطية التقليدية في بعض الدول الغربية يطرح عدّة استفهامات في ظل تصاعد النعرات القومية المتطرفة والعنيفة.

وتدور أهم التساؤلات حول الآليات التي يعتمدها اليمين المتطرف لاختراق أجهزة الدولة. الإجابة عن هذه الإشكالات تؤكّدها تقارير أوروبية حديثة تقر بأن جماعات اليمين تمكّنت من زرع أجهزة سرية داخل أهم مفاصل الدولة وتحديدا في صفوف أجهزة الأمن والجيش تماما مثل ما تفعل جماعات الإسلام السياسي.

كثّفت أجهزة الاستخبارات الأوروبية في الفترة الأخيرة من حملاتها الرقابية لتحركات اليمين المتطرف في عدة دول وذلك بالاستناد على عدة معطيات خطيرة تُشير إلى أن اليمين المتطرف تمكّن من اختراق أهم أجهزة هذه الدول وخاصة الجيش والأمن.

ويمثّل تصاعد أعداد أعضاء اليمين المتطرف خاصة في ألمانيا هاجسا كبيرا بالنسبة للحكومة التي كثّفت من جهودها للتصدي لهجمات وعنف هذه الجماعات القومية المتطرفة.

ورغم أن أحدث التقارير وآخرها ذلك الذي أصدرته وكالة بلومبيرغ في 14 يوليو الجاري تؤكّد أن بعض الأحزاب بدأت تتخلص ممّن يثبت تبنيه للفكر اليميني المتطرف، فان الحكومات الأوروبية تصطدم اليوم بحقائق تثبت أن الجماعات اليمينية تمكنت من غرس عملاء لها داخل أجهزة الأمن والجيش.

هذا الخطر اليميني المتطرف، حذر منه المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات بتشديده في تقرير صادر عنه على أن اليمين المتطرف فى ألمانيا بات من المعضلات التي تؤرق الأجهزة الاستخباراتية خاصة مع اتخاذها منحى جديدا وهو اختراق الأجهزة الأمنية والكيانات الدفاعية.

وتمثّل كيمنتس، إحدى مدن ساكسونيا، معقلا للأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة، وهي من أكثر المدن المحاصرة بمخاطر الجماعات اليمينية، حيث أظهرت أحداث العنف والمظاهرات التي تم تنظيمها في هذه المدينة حالة الانقسام داخل الأجهزة الأمنية وتعاطفها مع حركات مثل “بيغيدا” وحزب البديل لألمانيا، حيث وصل تعاطي بعض رجال الشرطة مع هذه الأحداث إلى حدّ منع وسائل الإعلام من تغطيتها. كما ثبت أيضا أن شرطيا حرّض ضدّ المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل.

ويعتبر العديد من الخبراء ومن بينهم محمد جاسم رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنه على الرغم من أن مشاركة بعض رجال الشرطة في احتجاجات اليمين المتطرف كانت خارج أوقات عملهم، فإن ذلك يشير إلى أن أجهزة الاستخبارات الألمانية والشرطة باتت مخترقة من قبل جماعات اليمين المتطرف.

وقبل صدور هذه الاستنتاجات، سبق لمجلة “دير شبيغل” الألمانية في شهر مارس 2019 أن أكدت أن عدد المنتمين إلى اليمين المتطرف الذين اكتشفتهم الاستخبارات العسكرية الألمانية (أم.أي.دي) في صفوف الجيش الألماني خلال الأعوام الماضية أكثر مما هو معلن حتى الآن.

الحكومات الأوروبية تصطدم بحقائق تثبت أن اليمين المتطرف تمكن من غرس عملاء له داخل أجهزة الأمن والجيش

وبحسب تقرير المجلة اعترف أحد القادة في الاستخبارات العسكرية خلال جلسة سرية للجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني في فبراير الماضي بأن الاستخبارات كانت تعلن للرأي العام والبرلمان الألماني دائما عدد المتطرفين اليمينيين الذين تم تصنيفهم بذلك على نحو قاطع.

كما ذكرت الاستخبارات العسكرية الألمانية في يناير 2018 أن هناك 400 حالة اشتباه بشأن الانتماء لليمين المتطرف جديدة ظهرت في عام 2017. ويبلغ عدد حالات الاشتباه من هذه النوعية سنويا 300 حالة في المتوسط خلال الأعوام الماضية منذ إلغاء التجنيد الإجباري في عام 2011.

من جهتها أعلنت هيئة حماية الدستور في ألمانيا ضمن تقرير لها خلال شهر يوليو 2018 أن النجاحات التي أُحرزت في عملية تجريد عناصر يمينية متطرفة مثل أنصار حركتي “مواطني الرايخ” (مواطنو الإمبراطورية الألمانية) أو “المواطنين المستقلين” من السلاح لا تعني انقضاء التحذير من هذا الخطر.

وتفاعلا مع هذه المعطيات الواردة بشأن نجاح جماعات اليمين المتطرف في تجنيد أعضاء من المؤسسات العسكرية والأمنية، يرى العديد من الخبراء أن القاسم المشترك الذي يجمع بين الجماعات المتطرفة سواء كانت يمينية أوروبية أو إسلامية يمكن حتما في رهاناتها المتواصلة على اختراق مفاصل الدولة وخاصة تلك التي تتعلق بالجيش والأمن والاستخبارات.

وسبق لفرنسا أن عاشت في الأسابيع القليلة الماضية على وقع جدل أثاره صدور تقرير برلماني فرنسي تحدّث عن أن موجة تطرف الإسلاميين وخاصة ممن يتبنون أدبيات جماعة الإخوان المسلمين وصلت إلى حدّ الانغماس في أجهزة الدولة.

وبحسب التقرير الذي أصدره النائبان إريك ديار من حزب “الجمهوريين” اليميني وإيريك بويا من حزب “الجمهورية إلى الأمام” في إطار الجهود البرلمانية الفرنسية لمكافحة التطرف، فإنه قد تم الكشف عن تغلغل متطرفين من الإسلاميين في مؤسسات وإدارات وأجهزة رسمية كالشرطة والجيش والنقل العام والمستشفيات وقطاع التعليم.

وعلى خطى جماعات الإسلام السياسي باتت جماعات اليمين المتطرف تركز خططها على تكوين أجهزة سرية داخل الدولة وهذا المفهوم الأخير متجذّر في أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، حيث سبق لزعيم الحركة الإسلامية السودانية حسن الترابي قبل وفاته في مايو 2016 أن أكد لدى حضوره في برنامج “شاهد على العصر” بقناة الجزيرة القطرية، على أن حركته كانت تمتلك تنظيما أمنيا سريا له امتدادات داخلية وخارجية.

وقال الترابي إن الحركة الإسلامية وضعت بعد وصول اليساريين إلى الحكم في السودان لنفسها قيادة سرية، وشبكات من الأمن داخلية وخارجية، تتصل بكل الحركات الإسلامية في العالم، وتتبادل معها المعلومات.

التعليقات

ملفات ساخنة

الثلاثاء 23 يوليو 2019 4:44 م

 أوقفت فرقة أمنية مختصة عددا من القياديين في جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، وذلك في أعقاب بيان منسوب لما يعرف بمجلس إطارات الجبهة الإسلامية للإن...

الثلاثاء 23 يوليو 2019 4:44 م

برز ملف فاغنر في ليبيا مؤخرا بشكل بارز عقب اندلاع المواجهات المسلحة في السودان، والمخاوف من انتقالها إلى الجنوب الليبي. ومع مقتل زعيم فاغنر يفغيني بري...

الثلاثاء 23 يوليو 2019 4:44 م

تسعى الصين إلى توسيع نفوذها الأمني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متخفية تحت غطاء الشركات الأمنية الصينية الموجهة لحماية رعايا بكين في المنطقة، مستفيد...

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر