لا يمكن التمادي في تحدي المجتمع الدولي إلى ما لا نهاية
توقّعت مصادر دبلوماسية أن تتصدر قضية الهجمات الحوثية على السعودية واستهداف منشآت ضخ النفط ومطار أبها، أجندة اجتماع الرباعية الدولية المرتقب في لندن، والذي كان بحسب تصريحات سابقة لوزير الخارجية اليمني المستقيل خالد اليماني من المفترض أن يعقد في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
ولم تستبعد المصادر إمكانية صدور موقف عن الاجتماع بشأن ضرورة تحديد سقف زمني لتنفيذ اتفاقات السويد، وذلك بناء على ما تمّ التوصّل إليه في اجتماع اللجنة الأخير في أواخر أبريل الماضي والذي أمهل الحوثيين 18 يوما لتنفيذ خطة إعادة الانتشار، ولوّح حينها باتخاذ موقف موحد إزاء التعنت الحوثي في اجتماع جلسة مجلس الأمن التي عقدت في منتصف مايو الماضي.
واستبق الحوثيون تلك الجلسة بالإعلان عن انسحاب أحادي من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تحت غطاء أممي، وهو الأمر الذي أزّم العلاقة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة.
وتوقع مراقبون أن يلقي التصعيد الإيراني والحوثي الأخير بظلاله على اجتماع الرباعية، مع تزايد المؤشرات على انعكاس هذا التصعيد على الأزمة اليمنية، واحتمالات انهيار الهدنة الهشة في الحديدة ومن ورائها اتفاق ستوكهولم الذي يعتبره المجتمع الدولي حجر الزاوية في أي تسوية سياسية قادمة في اليمن.
ورجحت مصادر سياسية لـ”العرب” أن يعمل اجتماع الرباعية القادم على تقييم حقيقة الالتزام الحوثي المزعوم بتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار التي تشرف عليها بعثة مراقبي الأمم المتحد بقيادة الجنرال مايكل لوليسغارد، والضغط باتجاه ربط المراحل التالية بمواعيد زمنية ضمن خطة إعادة الانتشار في الحديدة وتحريك الملفات الأخرى العالقة في اتفاقات ستوكهولم مثل تبادل الأسرى وملف تعز.
وكشفت المصادر عن سعي بريطانيا التي تتولى إدارة الملف اليمني في مجلس الأمن الدولي للترويج في أروقة الفعاليات الدولية لمشروع جديد يتضمن توسيع نطاق صلاحيات بعثة مراقبي الأمم المتحدة في الحديدة وزيادة عدد أفرادها وصولا إلى تحويلها في مرحلة لاحقة إلى قوة حفظ سلام لا تخضع تحركاتها ولا برنامج عملها للقوانين اليمنية أو رغبة الفرقاء اليمنيين.
وقالت المصادر إن لندن تتذرع لتمرير هذا المشروع بالعراقيل التي تتعرض لها بعثة الأمم المتحدة نتيجة الخلاف المزمن بين الحكومة اليمنية والحوثيين حول طبيعة أداء هذه البعثة، وتفاقم حالة عدم الثقة.
وبالرغم من غياب أي فاعلية دولية لعمل اللجنة الرباعية الدولية الخاصة باليمن، إلا أن أهميتها تكمن في كونها تضم أهم دولتين فاعلتين في مجلس الأمن الدولي هما الولايات المتحدة وبريطانيا، وأهم دولتين على صلة بالملف اليمني وهما السعودية والإمارات اللتان تقودان التحالف العربي لدعم الشرعية. وتهدف اللجنة التي تعقد اجتماعاتها بشكل دوري إلى بلورة موقف إقليمي ودولي موحد إزاء الملف اليمني، وتجسير الهوة بين الموقفين الأميركي والأوروبي، على قاعدة تضييق هامش الخلافات حول طريقة التعاطي مع الملف الإيراني وأذرع إيران العسكرية في المنطقة.
وفي تصريح لـ”العرب” طالب وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب الرباعية الدولية بتطوير أساليب تعاملها مع الأزمة اليمنية والانتقال إلى مربع الضغط الجاد على الميليشيات الحوثية لتعجيل تنفيذ اتفاق الحديدة الذي قال إن الحوثيين يريدون تحويله إلى وسيلة لكسب الوقت وتجميد الحراك السياسي الدولي.
ويتزامن عقد الاجتماع الجديد للجنة الرباعية الدولية في لندن مع تجدد المواجهات العسكرية في الحديدة بشكل غير مسبوق منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في ديسمبر 2018.
كما تشهد العلاقة بين الحكومة اليمنية والمبعوث الأممي إلى اليمن توترا كبيرا وصل إلى درجة اتهام الحكومة لمارتن غريفيث بالانحياز إلى الحوثيين.
وفي المقابل اتهمت الميليشيات الحوثية على لسان ناطقها الرسمي محمد عبدالسلام المنظمات الأممية العاملة في اليمن بالتجسس والفساد، ردا على انتقادات وجهها برنامج الغذاء العالمي للحوثيين واتهامهم بسرقة المساعدات الإنسانية.
وفي الوقت الذي تبحث فيه أطراف الصراع في اليمن عن بدائل للتعامل مع ديمومة الأزمة وفشل حلول التسوية السياسية، تتزايد المؤشرات على بروز رغبة لدى بعض الأطراف الدولية في تفعيل الوصاية السياسية على الملف اليمني، وفرض حلول خارجية تخدم أجندات تلك الدول بعيدا عن مصالح الفرقاء اليمنيين.