الثبات لا يعني الاطمئنان دائما
كشف كلام السفير البريطاني في الكويت مايكل دافنبورت عن طلب الكويت توفير “وجود عسكري بريطاني مؤقت” في البلد، المخاوف من تطورات كبيرة قد تشهدها منطقة الخليج.
وأوضحت مصادر سياسية خليجية أن الكويت غير مرتاحة بأي شكل إلى نيات ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، خصوصا في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية في مايو المقبل.
وقالت هذه المصادر إن الكويت ليست مطمئنة، لا إلى احتمال انتصار الحشد الشعبي في هذه الانتخابات ولا إلى احتمال هزيمته.
وذكرت في هذا المجال أن فوز الحشد الذي يضمّ ميليشيات تابعة لأحزاب عراقية عدّة تأخذ تعليماتها من إيران، سيجعله أكثر عدائية تجاه دول الخليج العربي عموما والكويت على وجه التحديد. أمّا هزيمة الحشد في هذه الانتخابات، فإنّها ستجعله يبحث عن دور جديد له كي يثبت أنّه لا تزال هناك حاجة إليه من جهة وأنّ لديه دورا لا يزال جاهزا للعبه في حماية حدود العراق.
وأكدت المصادر في هذا الشأن أن الحشد الذي يعتبر أداة من الأدوات الإيرانية في العراق وجد طريقة لخوض الانتخابات التي لم يكن مسموحا للميليشيات المسلّحة خوضها.
وقالت إن الحجة التي اعتمدها لتبرير مشاركته في الانتخابات اعتمدت أساسا على أنّه يتمتع بغطاء “شرعي”، إضافة إلى أنّه قدّم تضحيات كبيرة في الحرب على تنظيم داعش.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الكويت تعلّمت من تجارب الماضي وباتت تعتمد في عهد الأمير الشيخ صُباح الأحمد الجابر الصباح سياسة “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.
وأضافت أن الكويت غير مرتاحة إطلاقا إلى التطمينات الإيرانية التي تصدر بين حين وآخر.
وقالت إن الكويت تخشى اللعبة الإيرانية التي تقوم على تهديد أمنها انطلاقا من الأراضي العراقية لدفعها إلى طلب وساطة إيرانية مع الجهات العراقية المعنية بهذه التهديدات.
دانيال كافشنسكي: رسالتنا واضحة لإيران بأننا سنحافظ على استقرار الخليج
دانيال كافشنسكي: رسالتنا واضحة لإيران بأننا سنحافظ على استقرار الخليج
وتخشى الكويت من عدة تهديدات انطلاقا من نظرة جيوستراتيجية أوسع، فبالإضافة إلى تهديدات الحشد الشعبي، ومحاولات إيران وحزب الله لزعزعة استقرارها، يشكل الصراع بين السعودية وإيران وانزلاقه إلى مواجهة محتملة في الخليج مصدر قلق لها، إضافة إلى تدهور الأزمة الخليجية مع قطر وحدوث تصعيد من قبل الجانبين، واحتمال انهيار النظام الإيراني بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية في البلاد.
وذكر مصدر خليجي يتابع الأوضاع الداخلية في الكويت عن كثب أن اكتشاف خلية العبدلي في أغسطس من العام 2015 ومدى ارتباط حزب الله في لبنان بهذه الخليّة، زاد من الحذر الكويتي حيال إيران.
وقال المصدر إنّ الكلام المعسول الذي سمعه المسؤولون الكويتيون عن أن هذه الخليّة التي خزنت كميات كبيرة من المتفجرات والأسلحة في الكويت لم تكن تستهدف الكويت، زاد من المخاوف من نيات طهران استخدام ميليشيات عراقية ولبنانية لزعزعة الأمن الكويتي.
وخلص هذا المصدر الخليجي إلى القول إن لجوء الكويت إلى وجود عسكري بريطاني في أراضيها يعتبر رسالة موجّهة إلى إيران والعراق معا فحواها أن الكويت مستعدة لاتخاذ كلّ التدابير التي تراها مناسبة للمحافظة على أمنها وحمايته، بما في ذلك الاستعانة بقوات أجنبية لتحقيق هذا الغرض.
وتوترت العلاقة بين طهران والكويت عقب صدور الأحكام في خلية العبدلي، ما دفع الكويت إلى طرد عاملين في السفارة الإيرانية وإغلاق الملحقية الثقافية والمكتب العسكري، في رسالة إلى طهران فحواها أنّ السلطات الكويتية على علم تام بوجود دعم من السفارة الإيرانية لنشاط خليّة العبدلي الإرهابية.
وقال السفير البريطاني لدى الكويت إن بلاده “تدرس نشر قوات مؤقتة في الكويت بناء على طلب الأخيرة توفير تواجد عسكري بريطاني محدود على أراضيها”، حسب مقابلة موثقة بالفيديو أجرتها معه شبكة “فورسز″ البريطانية.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب كويتي رسمي على تصريحات دافنبورت للشبكة البريطانية المختصة بالشؤون العسكرية.
وأضاف السفير البريطاني “الحكومة الكويتية أعربت عن اهتمامها بمثل ذلك التواجد (العسكري البريطاني)”. لكنه شدد على أن أي تواجد لقوات بريطانية في الكويت “لن يكون ضخما”، وأن الطرفين يبحثان الآن جميع الاحتمالات، وما يزالان في المراحل الأولية.
وأوضح أن “إرسال قوة عسكرية بريطانية للكويت سيكون في إطار التعاون المشترك بين البلدين في مجال الدفاع، والمعروف باسم لجنة التوجيه المشتركة”، مشيرا إلى “تمويل الحكومة الكويتية، حاليا، بعثة بريطانية عسكرية مكونة من 38 شخصا، تتولى تدريب قوات الجيش الكويتي”.
وأكد البرلماني البريطاني من حزب المحافظين دانيال كافشنسكي على إصرار بلاده في الدفاع عن الكويت كما فعلنا من قبل عام 1990.
وأضاف كافشنسكي في تصريح لـ“العرب” هذه رسالة واضحة من بريطانيا إلى إيران خاصة بعد قضية العبدلي، بأننا سنكون موجودين للحفاظ على استقرار الخليج، ضد محاولاتها زعزعة استقرار الخليج وخصوصا الكويت".
ووصف العلاقات الدفاعية بين لندن والكويت بالـ”محورية” في إطار علاقات الصداقة الثنائية بينهما الممتدة منذ نحو 120 عاما.
يشار إلى أن “لجنة التوجيه المشتركة” تشكلت خلال زيارة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد إلى بريطانيا في نوفمبر 2012.
وتنعقد اللجنة دوريا كل 6 أشهر بالتبادل بين عاصمتي البلدين، وتضم ممثلين عن وزارات كويتية بينها الخارجية، والدفاع، والداخلية، والتجارة، والنفط، والمواصلات، والتعليم العالي.
وعقدت اللجنة اجتماعها الـ11 بالكويت في ديسمبر الماضي؛ حيث أعلن مساعد وزير الخارجية الكويتي لشؤون أوروبا، وليد الخبيزي، آنذاك، أن “الاتفاقيات الدفاعية بين البلدين تُحدّث باستمرار، وهناك تعاون مستمر في هذا القطاع الذي يشمل التدريب وتعزيز قدرات الجيش الكويتي وصيانة الآليات الموجودة، ووضع خطط للتعاون المستقبلي”.