من منداناو الفلبينية إلى سيناء المصرية بحث عن وطن بديل لداعش

الثلاثاء 20 فبراير 2018 11:26 م
من منداناو الفلبينية إلى سيناء المصرية بحث عن وطن بديل لداعش

تهديد فرض تعديلا في قواعد كامب ديفيد

جنوب العرب - جنوب العرب - هشام النجار

يوجه تراجع نفوذ التنظيمات التكفيرية المسلحة، وفي مقدمتها تنظيم ولاية سيناء خلال الأشهر الماضية، مقارنة بمستوى عملياته عامي 2015 و2016، الأنظار إلى أن الأخطار القادمة من خارج الحدود كانت دافعا رئيسيا لإطلاق عملية سيناء الشاملة في 9 فبراير الجاري، بل وعجّلت بها.

يحمل توقيت تنفيذ العملية دلالة لافتة وهي أن تصاعد الحرب على الإرهاب في مصر ليس مقترنا فقط بما تشهده البلاد من عمليات إرهابية، ذاهبة صوب الانحسار، إنما مرتبط بملفات إقليمية وبشكل أكبر مرتبط بانتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، دون انتهاء دور التنظيم.

ما زالت هناك حاجة إلى أدوار يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في المرحلة الدولية الراهنة، وبالتالي هناك ضرورة للبحث عن مواطن بديلة له، بعد انتهاء مهمته في سوريا والعراق، من هنا جاءت سيناء كأحد العروض المقترحة إلى جانب أفغانستان أو الفلبين.

وكشف عن بعض ملامح هذه الخطة مدير مركز مكافحة الإرهاب لرابطة الدول المستقلة، الفريق أول في الشرطة، أندريه نوفيكوف، خلال اجتماع في موسكو، جاء فيه أن نقل المسلحين من دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز إلى أفغانستان، يجري بنفس الخطة التي استخدمت لإرسالهم إلى العراق وسوريا.

كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا تشعر بـ “قلق شديد” جراء تنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان.

وقال لافروف، في مؤتمر صحافي بعد لقاء مع نظيره الباكستاني خواجا محمد آصف، “نشعر بقلق شديد جراء ما يحصل في أفغانستان وإزاء التقدم الذي يحرزه تنظيم الدولة الإسلامية وتزايد نفوذه”.

وأعلن لافروف أن وجود تنظيم الدولة الإسلامية في شمال أفغانستان وشرقها، “جدي إلى حد ما”، ويقدر بحوالي ألف مقاتل يشكلون تهديدا لأمن البلدان المجاورة. وتريد السلطات الروسية وقف تقدم الجهاديين في أفغانستان، معربة عن تخوفها من تسللهم إلى الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى المجاورة، التي تعتبرها موسكو جزءا من منطقة نفوذها.

وسبق أن حذّرت الفلبين من سيناريو مشابه، بعد الأحداث التي شهدتها جزيرة منداناو، في جنوب البلاد، العام الماضي، وانطلاق عملية عسكرية مكثّفة لمنع عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية من إيجاد موطئ قدم فيها وتعويض خسائره في العراق وسوريا.

لافروف يعلن أن وجود تنظيم الدولة الإسلامية في شمال أفغانستان وشرقها، (جدي إلى حد ما)، ويقدر بحوالي ألف مقاتل يشكلون تهديدا لأمن البلدان المجاورة
وشنّت القوات الفلبينية وقتها حملات عسكرية مكثّفة على المدينة بعد أن حاصرتها لأكثر من خمسة أشهر. واعتمدت الفلبين على إعلان الأحكام العرفية في المدينة وشنّ حملات جوية وعسكرية ثقيلة عليها، بعدما حاول التنظيم تقديم ماراوي على أنها إمارة إسلامية جديدة تابعة لـ”دولة الخلافة الإسلامية” مطلقا عليها “إمارة بلاد ما وراء النهر”.

وتتشابه الظروف والتحركات العسكرية في سيناء مع ما حدث في الفلبين العام الماضي، حيث جاءت هذه العملية العسكرية المصرية، سيناء 2018، لمنع تنفيذ مخطط نقل المسلحين المتشددين إلى سيناء كما جرى من قبل في سوريا والعراق.

وكشف الجيش المصري للمرة الأولى عن مخاوف رسمية من احتمال تحوّل شبه جزيرة سيناء إلى بؤرة إرهابية بديلة، في وقت يقترب فيه الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي في سوريا من القضاء على فرعي التنظيم.

ولفت البيان الأول للقوات المسلحة المصرية إلى أن أحد أهم أهداف العملية هو إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية للدولة، بما يدلل على أن الأجهزة المعلوماتية رصدت تهديدات خارجية تخطط لاختراق هذه المنافذ.


أبعد من الإرهاب التقليدي

تعكس البيانات الصادرة عن القوات المسلحة بشأن العملية تفاعلا مع مجريات الأحداث في المنطقة، ما يؤكّد أن أهداف العملية تتجاوز حدود الإرهاب التقليدي في الداخل، وفي شق كبير منها موجهة لجهات بعينها في الخارج وصد تهديدات إقليمية متوقعة.

الواضح أن فرع تنظيم داعش في سيناء، فقد جزءا كبيرا من قدرته التسليحية والبشرية مع انطلاق عملية “حق الشهيد” بمراحلها المختلفة سابقا، ولا يستدعي وضع التنظيم في صورته الراهنة إطلاق حملة عسكرية شاملة بهذا الحجم الكثيف من القوات والمعدّات.

ما يعني أن العملية جاءت استباقا لسيناريوهات تحويل سيناء لساحة بديلة عن سوريا والعراق، بعد أن سبقتها عدة وقائع حملت دلائل على أن التنظيم في سوريا بدأ في إرسال مقاتليه إلى شبه جزيرة سيناء، منها عملية نوعية استهدفت طائرة أقلّت وزيري الدفاع والداخلية بمطار العريش في 19 ديسمبر الماضي.

وقبل هذا الحادث وقع هجوم خطير على مسجد الروضة بمدينة بئر العبد في شمال سيناء، في 25 نوفمبر الماضي، أسفر عن مصرع أكثر من 300 من المصلين، ما أكد أن الرغبة في الانتقام ستتزايد، مع امتلاك أنواع مختلفة من المتفجرات الواردة من الخارج.

وفرض هذا الخطر التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل لضبط الأمن في سيناء. وتردد أن هناك عمليات قام بها الطيران الإسرائيلي ضد مراكز للإرهابيين هناك، بمعرفة القاهرة، كما أن دخول كميات كبيرة من العتاد والسلاح إلى مناطق عميقة في سيناء، بما يتعارض مع بنود اتفاقية السلام مع إسرائيل، يؤكد وجود هدف مشترك يتعلق بمنع توطين المتطرفين بالقرب من إسرائيل.

أحد أهم أهداف عملية سيناء هو إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية للدولة، بما يدلل على أن الأجهزة المعلوماتية رصدت تهديدات خارجية تخطط لاختراق هذه المنافذ

قيادات ميدانية

حملت طبيعة محتوى فيديوهات ولاية سيناء مؤشرات انشقاقات داخل التنظيم بسبب عملية إحلال وتبديل للقيادات، ما يعني أن ثمة قيادات ميدانية جديدة ستقود التنظيم، تنذر بارتفاع معدل الإرهاب في سيناء.

وأثبتت طبيعة ونوعية العمليات الأخيرة حدوث تغييرات جوهرية في بنية التنظيم الفكرية والحركية، كما تشي دقة التنفيذ باكتساب خبرات استخباراتية ومعلوماتية لا تمتلكها فلول تنظيم محلّي تعرّض على مدى سنوات لضربات إجهاضية قوية.

وارتبطت تلك التطوّرات بمخططات قوى إقليمية ودولية ترعى الإرهاب وتوظف علمياته، ووجدت نفسها في ظل تغير المعطيات الميدانية في سوريا والعراق في حاجة إلى إيجاد ملاذ آمن لمن بقي من أنصار تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك لضرب عصفورين بحجر واحد: تتقي شرهم وتستفيد منهم في ملفاتها العالقة.

تؤكد مختلف المؤشرات أن عملية بهذا الحجم في سيناء لم تنطلق لمجرد استكمال ما تم إنجازه في العمليات السابقة للإجهاز على البقية الباقية من مقاتلي التنظيم الإرهابي، لكنه جرى التخطيط والإعداد لها بناء على تحوّلات إقليمية ودولية في ملف الإرهاب الذي لن يغلق قريبا.

التعليقات

ملفات ساخنة

الثلاثاء 20 فبراير 2018 11:26 م

 أوقفت فرقة أمنية مختصة عددا من القياديين في جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، وذلك في أعقاب بيان منسوب لما يعرف بمجلس إطارات الجبهة الإسلامية للإن...

الثلاثاء 20 فبراير 2018 11:26 م

برز ملف فاغنر في ليبيا مؤخرا بشكل بارز عقب اندلاع المواجهات المسلحة في السودان، والمخاوف من انتقالها إلى الجنوب الليبي. ومع مقتل زعيم فاغنر يفغيني بري...

الثلاثاء 20 فبراير 2018 11:26 م

تسعى الصين إلى توسيع نفوذها الأمني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متخفية تحت غطاء الشركات الأمنية الصينية الموجهة لحماية رعايا بكين في المنطقة، مستفيد...

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر