تقاسم السيطرة على المدينة مع القوات الحكومية
استقدمت القوات المؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الاثنين تعزيزات عسكرية إلى عدن حيث باتت تتقاسم السيطرة على أحياء المدينة مع القوات الحكومية، وذلك غداة اشتباكات دامية بين الطرفين، وفقا لمصادر أمنية.
في المقابل، بقيت الحكومة التي خسرت مقرها الرئيسي خلال اشتباكات الاحد لصالح قوات المجلس الجنوبي، على موقفها الهجومي تجاه هذه القوات، مجددة اتهامها بالانقلاب على السلطة المعترف بها دوليا، ومعتبرة انها باتت "عناصر خارجة عن القانون".
وتتلقى قوات الحكومة دعما عسكريا من التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية. كما تتلقى القوات المؤيدة للمجلس الجنوبي والتي تعرف باسم قوات "الحزام الأمني" دعما مماثلا من التحالف، وخصوصا من الامارات التي تدرب وتجهز عناصرها.
لكن المجلس الجنوبي أعلن رغم ذلك أنه ينوي إسقاط الحكومة التي تتخذ من عدن مقرا مؤقتا لها، متهما اياها بالفساد. وكانت الاشتباكات اندلعت بشكل مفاجئ صباح الاحد بعدما حاولت القوات الحكومية منع متظاهرين من بلوغ وسط المدينة واقامة اعتصام.
وسرعان ما امتدت الاشتباكات بين القوات الحكومية وقوات "الحزام الأمني" إلى عدة مناطق في عدن حيث تمكن مؤيدو المجلس الجنوبي من السيطرة سريعا على مقر الحكومة وعلى عدة أحياء حتى باتوا يتقاسمون السيطرة على المدينة مع القوات الحكومية. وقتل في هذه الاشتباكات 15 شخصا على الأقل.
وتواصلت الاشتباكات ليل الاحد الاثنين انما بشكل متقطع، بحسب ما أفادت مصادر أمنية في المدينة. ودارت هذه الاشتباكات بالقرب من منطقة القصر الرئاسي حيث يقيم رئيس الوزراء وأعضاء حكومته. ووفقا للمصادر ذاتها، تسيطر قوات المجلس الجنوبي على مدخلي المنطقة.
وأكد مسؤول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن الكسندر فايت في حسابه بتويتر ان الاشتباكات في عدن تواصلت خلال الليل، مشيرا إلى ان فريقا من اللجنة "عاجز عن الخروج" من المدينة.
تعزيزات ومواجهات
في مؤشر إلى تصعيد محتمل، قالت المصادر الأمنية ان قوات المجلس الجنوبي استقدمت تعزيزات عسكرية إلى عدن من محافظتي ابين والضالع القريبتين، لافتة إلى ان القوات الحكومية اشتبكت مع تلك القوات في أبين في محاولة لمنعها من التقدم الا أنها عجزت عن ذلك.
وكان رئيس الوزراء احمد بن دغر اتهم الاحد الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، داعيا دول التحالف العسكري إلى التدخل "لإنقاذ" الوضع في المدينة. لكن قوات التحالف بقيت رغم ذلك على الحياد.
ويقود التحالف منذ مارس 2015 حملة عسكرية دعما لسلطة هادي وفي مواجهة المتمردين الحوثيين الذي يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.
في المقابل حمّل المجلس الجنوبي في بيان رئيس الوزراء مسؤولية تدهور الأحداث، متهمين اياه بتوجيه قواته لإطلاق النار على المتظاهرين المناهضين لحكومته ما أدى إلى تدخل عسكري من قبل القوات المؤيدة لهم "لحماية شعبنا".
ويحتج المتظاهرون على الأوضاع المعيشية في المدينة، وكانوا منحوا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يمثلهم سياسيا، مهلة زمنية للقيام بتغييرات حكومية، متهمين سلطته بالفساد.
ويقود محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي الحركة الانفصالية في الجنوب. وفي 12 مايو الماضي، شكل المجلس الجنوبي سلطة موازية "لإدارة محافظات الجنوب وتمثيلها في الداخل والخارج" برئاسته، بعد شهر من قيام هادي باقالته من منصبه.
وانتهت المهلة التي حددت من قبل المجلس الجنوبي صباح الاحد، وأعلن هؤلاء عبر مجلسهم الانتقالي ان مطلبهم بات اسقاط حكومة بن دغر.
مجلس الانقلاب
الا ان الحكومة بدت مصممة على المواجهة في اجتماع مصغر عقدته في مكان غير محدد في عدن مساء الاحد برئاسة بن دغر، بحسب ما أفادت وكالة الانباء "سبأ" المتحدثة باسم السلطة المعترف بها دوليا.
وقالت الحكومة في بيان عقب الاجتماع ان "الأعمال التخريبية" في المدينة تستهدف "الشرعية" ممثلة بالرئيس هادي المقيم في الرياض، معتبرة ان قوات "الحزام الأمني" أصبحت "عناصر خارجة على النظام والقانون" و"المجلس الانتقالي الجنوبي" هو "مجلس انقلابي".
وحذرت الحكومة من ان "المشروع الحوثي الإيراني هو المستفيد الأول من حالة الأعمال العسكرية والانفلات الأمني والفوضي التي أضرت بأمن المواطنين والمنشآت الحكومية"، في اشارة إلى الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
وتأتي الأحداث في عدن في وقت تشن القوات الحكومية حملتين عسكريتين تستهدفان التقدم نحو مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين على ساحل البحر الأحمر، وفك طوق المتمردين عن مدينة تعز في جنوب غرب البلاد.
وأكد متحدث باسم القوات الحكومية العميد الركن عبده مجلي، ان العملية في تعز مستمرة رغم الأحداث التي تشهدها عدن.
وتعمق التطورات في عدن النزاع اليمني المتواصل منذ سنوات وتهدد بفصل دام جديد وبتفاقم الأزمة الانسانية حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة. وقتل في اليمن منذ تدخل التحالف اكثر من تسعة آلاف يمني بينما أصيب أكثر من خمسين ألف شخص آخر.
ودعا الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي تنتهي ولايته في فبراير "كافة الأطراف اليمنية في عدن إلى تهدئة الأوضاع وممارسة اقصى درجات ضبط النفس والاحتكام للحوار".
وأكد في حسابه بتويتر "استعداد الأمم المتحدة الدائم للمساعدة في حلّ الخلافات في هذا الوقت الحرج الذي يعيشه اليمن".